منتدى التفكير الناقد
مرحباً بك في منتدى التفكير الناقد .. نرحب بمشاركاتك معنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى التفكير الناقد
مرحباً بك في منتدى التفكير الناقد .. نرحب بمشاركاتك معنا
منتدى التفكير الناقد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التفكير الناقد .... تعريفه وخصائصه

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

التفكير الناقد .... تعريفه وخصائصه Empty التفكير الناقد .... تعريفه وخصائصه

مُساهمة من طرف ندى سليمان عبدالرحمن الأحد فبراير 26, 2017 1:23 am

قليل منّا من يمارس عادة تقويم تفكيره أو تفكير غيره بفاعلية، ففي حين أنّنا نقوّم شراءنا للغسّالة بعد قراءة تقارير المستهلك، ونقوّم ذهابنا لحضور فيلم بعد استعراض الآراء النقدية له، ونقوّم فرص العمل الجديدة بعد التحدّث مع الأصدقاء والزملاء، فإنّنا نادرًا ما نقوّم نوعية تفكيرنا (أو تفكير طلابنا).

لكن، ربّما يسأل البعض: كيف لنا أن نعرف مدى سلامة تفكيرنا؟ هل اكتفينا بالتدنّي لمرتبة "التجربة والخطأ" في الكشف عن نتائج تفكيرنا؟ هل تحاكي نتائج تفكيرنا بدقّة حقيقة الأمر؟ أليس التفكير مسألة رأي على كلّ الأحوال؟ أليس رأي الواحد منّا مماثلا في جودته آراء الآخرين؟ أليس كلّ ما في الأمر أنّني أعتقد بصحّة رأيي؟ هل طوّرنا القدرة على تقويم نوعيّة اعتقاداتنا بموضوعيّة وبنزاهة من خلال تعليمنا وتربيتنا؟ ما الذي كنّا قد تعلّمناه عن التفكير في أثناء الدراسة؟

كيف أصبحنا نؤمن بما استقرّ لدينا من معتقدات؟ كم من اعتقاداتنا وصلنا إليها من خلال الدقّة المتناهية في البحث والتفكير المستقلّ؟ وكم من هذه الاعتقادات وصل إلينا خلال وسائل الإعلام أو الآباء أو من الثقافة أو من الأزواج والأصدقاء؟ هل نقوّم استمرارية تحسين قدرات التفكير لدينا في أثناء تركيزنا على ذلك؟ هل نقوّم استمرارية تحسين قدرات تفكير طلابنا؟

كيف يُمكننا تحسين تفكيرنا دون القيام بممارسات تقويم فاعلة؟ هل نستطيع أن نتعلّم كيف نقوّم تفكيرنا واستدلالنا بموضوعيّة؟ دعونا ننظر إلى المثال التالي: في حالة الغطس، يوجد محكّات ومعايير لا بدّ من تطبيقها، يستخدمها الحكّام والمتنافسون على السواء، لتقويم الغطس. توجّه هذه المعايير الغوّاصين في كلّ حصّة تدريبية وفي كلّ قفزة عن المنصّة، ومن غير هذه المعايير والمحكّات لا يمكن للغوّاص والحكم معرفة المتفوّق من غيره، وتبقى هذه المعايير والمحكّات في حسبان المدرّبين والغوّاصين على حدّ سواء. فهل لدينا معايير ومحكّات شبيهة نسعى من خلالها لتحسين قدراتنا وأدائنا في التفكير؟

من أكثر أشكال التقويم شيوعًا، التقويم في الحياة اليومية. ومن أجل أن يتمّ التقويم السليم، لا بدّ للمرء أن يضع مقاييس ذات صلة، وأن يجمع الأدلّة المناسبة، وأن يُحكِّم هذه الأدلّة بما يتّفق مع المعايير.

تشير نتائج الأبحاث التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية التسعينات من القرن الماضي إلى واقع بالغ السوء. ومثال ذلك ما أوردته ماري كينيدي في مقالة نشرتها في أيار 1991 بعنوان "قضايا السياسة العامّة في تدريس التربية" وجاء فيه ما يلي:

تُشير نتائج التقويم في العديد من المجالات إلى أنّه رغم تمكّن طلابنا من أداء المهارات الأساسية بشكل جيّد، إلا أنهم يعانون ضعفًا في التفكير والاستدلال. يستطيع الطلاب إجراء العمليّات الحسابية، لكنّهم لا يتمكّنون من الاستدلال، يمكنهم أن يكتبوا جملا صحيحة ومكتملة، لكنّهم لا يتمكّنون من إعداد البراهين. ومن ناحية أخرى، يتراجع الطلاب الأميركيون إلى المراكز الخلفية في المقارنات الدولية، خصوصًا في المجالات التي تتطلّب نمطًا من التفكير المتقدّم، ومن ذلك: الاستدلال، والتحليل، والتنبّؤ، والتقويم، أو حتّى في حلّ المشكلات.
تولي الكتب المدرسية في الولايات المتّحدة اهتمامًا ضئيلا بالأفكار الكبيرة، ولا تقدّم تحليلات أو تساؤلات تثير التحدّي عند الطلاب، وبدلا من ذلك، فإنها تقدم مصفوفة كبيرة من الحقائق الصّغيرة، وتطرح أسئلة تحتاج إلى أن يعيد الطالب سرد المعلومات نفسها من بين كمّ المعلومات الهائل الذي قد يصل ما فيه إلى توافه الأمور.
يُدرّس المعلّمون معظمَ المحتوى لمجرّد العرض، وليس من أجل الفهم.
يميل المعلمون إلى تجنّب الأعمال والأنشطة التي تتطلّب شحذ الفكر، ويتمسّكون بالأعمال الروتينية التي يُمكن توقعها.
يُلاحظ أنّه من الصعب تغيير ممارسات المعلّمين، إذ يدرّس المعلّمون غالبًا بالطريقة نفسها التي درسوا بها؛ فإذا عرضت معلّمة الصفوف الإبتدائية الرياضيّات على شكل مجموعة من القواعد الإجرائية بدون أيّة عقلانية موضوعية، فمن الأرجح أنها تعتقد أنّ هذه هي الرياضيّات، وأنّ هذه هي الطريقة التي ينبغي أن تدرّس بها. وإذا درّست معلمة الكتابة على أنّها مجموعة من القواعد النحوية، وليست وسيلة لتنظيم الأفكار ووصلها ببعض، فانها ستظنّ أنّ هذه هي الكتابة.

وبهذا فقد علقنا في حلقة مفرغة من الممارسات السيّئة التي تمثّلت بممارسات سيّئة سابقة من الاستخفاف بالعلم الذي يولّد مزيدًا من الإهانة العلمية، وما لم نجد طريقة للخروج من هذه الدّائرة، فسوف نستمرّ في إعداد أجيال من المعلّمين الذين يعدّون أجيالاً من الطلاب غير المهيّئين للمجتمع التكنولوجيّ الذي نعيش فيه.







· ما التفكير الناقد؟

التفكير الناقد طريقة منهجيّة لتشكيل فكر الإنسان وصياغته، وهو يعمل بدقّة وبشكل هادف. ومن المعتقد أنّه منضبط وشامل وقائم على معايير عقلية، وبالتالي فهو منطقيّ.

يتميّز التفكير الناقد عن غيره من أنواع التفكير الأخرى، بكون المفكّر مدركًا لطبيعة نظام الفكر عالي الجودة، ويراجع نفسه باستمرار سعيًا لتحسين نوعيّة التفكير. وكما هو الحال في كلّ نظام، فإنّ التفكير الناقد ليس مجرّد سلسلة عشوائية من المكوّنات والخصائص، بل إنّ كلّ مكوّناته، وعناصره، ومبادئه، ومعاييره، وقيمه تشكّل شبكة عمل متكاملة، يمكن تطبيقها بفاعلية، ليس على الصعيد الأكاديميّ التعليمي فحسب، بل على صعيد كلّ بُعد من أبعاد الحياة.



إنّ أكثر اهتمامات التفكير الناقد الجوهريّة، تميّز الفكر؛ لذا فإنّ التفكير الناقد يقوم على فرضيّتين، أولاهما: إنّ نوعيّة تفكيرنا تؤثّر في نوعيّة حياتنا، وثانيهما: يُمكن لأيّ شخص أن يتعلّم كيف يُحسّن نوعيّة تفكيره باستمرار.


ينطوي التُفكير الناقد على هدف أسمى في التعليم المدرسيّ وفي مكان العمل؛ إذ يجب أن يهدف التّعليم وفقه إلى مساعدة الطلاب في تحسين تفكيرهم. وكلّما تعلّم الطلاب توجيه تفكيرهم وتحسين نوعيّته باستمرار، تعلّموا توجيه حياتهم وتحسين نوعيّتها.

· يمتاز التفكير الناقد الشموليّ بالخصائص التالية:

- هو التفكير المستجيب، والمسترشد بالمعايير الفكرية العقلانيّة، مثل: الدقة، والضبط، والوضوح، والعمق، والاتّساع. ولا يستطيع التفكير أن يحقّق التميّز دون وجود معايير توجيه الفكر.

- هو التفكير الذي يدعم تطوّر السمات العقليّة لدى المفكّر، مثل: تواضع الفكر، وتكامله، ومثابرته، والتعاطف الفكري، والانضباط الفكريّ الذاتي بطريقة متأنّية.

- هو التفكير الذي يمكّن الطالب من تحديد عناصر التفكير الموجودة، عند التفكير بأيّ مشكلة، فعلى سبيل المثال: عندما يربط الطالب منطقيًّا بين العناصر والمشكلة التي يعمل لحلها، وذلك من خلال طرح أسئلة تتعلّق بموضوع التفكير وبشكل روتيني وهي:

· ما الهدف من تفكيري؟
· ما السؤال الدّقيق الذي أحاول الإجابة عنه؟
· ما وجهة النظر التي أفكّر من خلالها؟
· ما المعلومات التي أستخدمها؟
· كيف أفسِّر تلك المعلومات؟
· ما الأفكار أو المفاهيم الرئيسة في تفكيري؟
· ما النتائج التي توصّلت إليها؟
· ما المسلّمات التي اعتبرتها؟ وما الافتراضات التي وضعتها؟
· إذا قبلت النّتائج، ما آثارها؟
· ما العواقب التي قد تحدث إذا أدخلت تفكيري حيّز التنفيذ؟

وفي كلّ عنصر مما سبق، على الطالب أن يكون قادرًا على اعتبار المعايير التي تسلّط الضوء على فعاليّة تفكيره.

- هو التفكير الذي يقوّم، ويختبر، ويحسّن نفسه ذاتيًّا، بشكل روتيني، إذ يؤدي الطالب عدة خطوات لتقويم مختلف أبعاد تفكيره باستخدام طريقة فكريّة مناسبة. ومن المهم إدراك أنّه أن لم يقوّم الطلاب تفكيرهم الخاصّ بهم، فإنّهم لا يفكّرون تفكيرًا ناقدًا.

- هو التفكير الذي يتحلّي بالنزاهة في كامل نظامه، فالطالب لا يكون قادرًا على اختبار تفكيره ككلّ فحسب، بل يكون قادرًا على أن يتناوله مجزّأً، ويتأمّل في الأجزاء المختلفة. وإضافة إلى ذلك، لا بدّ للطالب من الالتزام بالتفكير ضمن منظومة متداخلة من سمات العقل، فعلى سبيل المثال: على الطالب أن يكون متواضعًا، و مثابرًا، وجريئًا، ومنصفًا، وعادلا فكريًّا. لا بدّ أن يدرك الطالب الناقد السبل المتنوّعة التي قد تشوه تفكيره وتجعله مضلّلاً، متحيّزًا، سطحيًّا، غير عادل، ومعيبًا، فالمفكّر يسعى للكمال والنّزاهة كقيم أساسية.

- هو التفكير الذي يعطي إجابات منطقيّة، يمكن توقّعها اعتمادًا على العملية الشمولية المتعدّدة المطالب، والتي ينتهجها الطالب؛ فإذا كنّا نعرف تمامًا وبصراحة، كيف نتأكّد من تفكيرنا كلّما قمنا بالتفكير، والتزمنا بفعل ذلك، وحصلنا على تدريب مكثّف، فعندئذ ستكون نتائج تفكيرنا مثمرة؛ إذ إنّ التفكير الجيّد يعطي نتائج جيّدة.

هو التفكير المستجيب للضرورات الأخلاقية والاجتماعية، ليس لأغراض الجدل بحماس مع المعارضين لوجهات النّظر، بل لتلّمس نقاط الضعف والقصور في موقف الشخص نفسه وتحديدها. وعندما يصبح الطالب مدركًا لوجود العديد من وجهات النّظر المنطقيّة، والتي يؤدي كلّ منها - عند التفكير العميق بها - إلى مستوى معيّن من التبصّر، عندها يصبح الطالب على وعي تامّ بأنّ تفكيره - مهما كان غنيًّا وثاقبًا، ومهما كان مبنيًّا بعناية - غير قادر على تحصيل كلّ شيء يستحقّ المعرفة والرؤية.

ندى سليمان عبدالرحمن

المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 26/02/2017

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

التفكير الناقد .... تعريفه وخصائصه Empty رد: التفكير الناقد .... تعريفه وخصائصه

مُساهمة من طرف هنادي محمد إبراهيم عوض الأحد مارس 05, 2017 4:03 pm

ندى سليمان عبدالرحمن كتب:قليل منّا من يمارس عادة تقويم تفكيره أو تفكير غيره بفاعلية، ففي حين أنّنا نقوّم شراءنا للغسّالة بعد قراءة تقارير المستهلك، ونقوّم ذهابنا لحضور فيلم بعد استعراض الآراء النقدية له، ونقوّم فرص العمل الجديدة بعد التحدّث مع الأصدقاء والزملاء، فإنّنا نادرًا ما نقوّم نوعية تفكيرنا (أو تفكير طلابنا).

لكن، ربّما يسأل البعض: كيف لنا أن نعرف مدى سلامة تفكيرنا؟ هل اكتفينا بالتدنّي لمرتبة "التجربة والخطأ" في الكشف عن نتائج تفكيرنا؟ هل تحاكي نتائج تفكيرنا بدقّة حقيقة الأمر؟ أليس التفكير مسألة رأي على كلّ الأحوال؟ أليس رأي الواحد منّا مماثلا في جودته آراء الآخرين؟ أليس كلّ ما في الأمر أنّني أعتقد بصحّة رأيي؟ هل طوّرنا القدرة على تقويم نوعيّة اعتقاداتنا بموضوعيّة وبنزاهة من خلال تعليمنا وتربيتنا؟ ما الذي كنّا قد تعلّمناه عن التفكير في أثناء الدراسة؟

كيف أصبحنا نؤمن بما استقرّ لدينا من معتقدات؟ كم من اعتقاداتنا وصلنا إليها من خلال الدقّة المتناهية في البحث والتفكير المستقلّ؟ وكم من هذه الاعتقادات وصل إلينا خلال وسائل الإعلام أو الآباء أو من الثقافة أو من الأزواج والأصدقاء؟ هل نقوّم استمرارية تحسين قدرات التفكير لدينا في أثناء تركيزنا على ذلك؟ هل نقوّم استمرارية تحسين قدرات تفكير طلابنا؟

كيف يُمكننا تحسين تفكيرنا دون القيام بممارسات تقويم فاعلة؟ هل نستطيع أن نتعلّم كيف نقوّم تفكيرنا واستدلالنا بموضوعيّة؟ دعونا ننظر إلى المثال التالي: في حالة الغطس، يوجد محكّات ومعايير لا بدّ من تطبيقها، يستخدمها الحكّام والمتنافسون على السواء، لتقويم الغطس. توجّه هذه المعايير الغوّاصين في كلّ حصّة تدريبية وفي كلّ قفزة عن المنصّة، ومن غير هذه المعايير والمحكّات لا يمكن للغوّاص والحكم معرفة المتفوّق من غيره، وتبقى هذه المعايير والمحكّات في حسبان المدرّبين والغوّاصين على حدّ سواء. فهل لدينا معايير ومحكّات شبيهة  نسعى من خلالها لتحسين قدراتنا وأدائنا في التفكير؟

من أكثر أشكال التقويم شيوعًا، التقويم في الحياة اليومية. ومن أجل أن يتمّ التقويم السليم، لا بدّ للمرء أن يضع مقاييس ذات صلة، وأن يجمع الأدلّة المناسبة، وأن يُحكِّم هذه الأدلّة بما يتّفق مع المعايير.

تشير نتائج الأبحاث التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية التسعينات من القرن الماضي إلى واقع بالغ السوء. ومثال ذلك ما أوردته ماري كينيدي في مقالة نشرتها في أيار 1991 بعنوان "قضايا السياسة العامّة في تدريس التربية" وجاء فيه ما يلي:

   تُشير نتائج التقويم في العديد من المجالات إلى أنّه رغم تمكّن طلابنا من أداء المهارات الأساسية بشكل جيّد، إلا أنهم يعانون ضعفًا في التفكير والاستدلال. يستطيع الطلاب إجراء العمليّات الحسابية، لكنّهم لا يتمكّنون من الاستدلال، يمكنهم أن يكتبوا جملا صحيحة ومكتملة، لكنّهم لا يتمكّنون من إعداد البراهين. ومن ناحية أخرى، يتراجع الطلاب الأميركيون إلى المراكز الخلفية في المقارنات الدولية، خصوصًا في المجالات التي تتطلّب نمطًا من التفكير المتقدّم، ومن ذلك: الاستدلال، والتحليل، والتنبّؤ، والتقويم، أو حتّى في حلّ المشكلات.
   تولي الكتب المدرسية في الولايات المتّحدة اهتمامًا ضئيلا بالأفكار الكبيرة، ولا تقدّم تحليلات أو تساؤلات تثير التحدّي عند الطلاب، وبدلا من ذلك، فإنها تقدم مصفوفة كبيرة من الحقائق الصّغيرة، وتطرح أسئلة تحتاج إلى أن يعيد الطالب سرد المعلومات نفسها من بين كمّ المعلومات الهائل الذي قد يصل ما فيه إلى توافه الأمور.
   يُدرّس المعلّمون معظمَ المحتوى لمجرّد العرض، وليس من أجل الفهم.
   يميل المعلمون إلى تجنّب الأعمال والأنشطة التي تتطلّب شحذ الفكر، ويتمسّكون بالأعمال الروتينية التي يُمكن توقعها.
   يُلاحظ أنّه من الصعب تغيير ممارسات المعلّمين، إذ يدرّس المعلّمون غالبًا بالطريقة نفسها التي درسوا بها؛ فإذا عرضت معلّمة الصفوف الإبتدائية الرياضيّات على شكل مجموعة من القواعد الإجرائية بدون أيّة عقلانية موضوعية، فمن الأرجح أنها تعتقد أنّ هذه هي الرياضيّات، وأنّ هذه هي الطريقة التي ينبغي أن تدرّس بها. وإذا درّست معلمة الكتابة على أنّها مجموعة من القواعد النحوية، وليست وسيلة لتنظيم الأفكار ووصلها ببعض، فانها ستظنّ أنّ هذه هي الكتابة.

وبهذا فقد علقنا في حلقة مفرغة من الممارسات السيّئة التي تمثّلت بممارسات سيّئة سابقة من الاستخفاف بالعلم الذي يولّد مزيدًا من الإهانة العلمية، وما لم نجد طريقة للخروج من هذه  الدّائرة، فسوف نستمرّ في إعداد أجيال من المعلّمين الذين يعدّون أجيالاً من الطلاب غير المهيّئين للمجتمع التكنولوجيّ الذي نعيش فيه.







   ·       ما التفكير الناقد؟

    التفكير الناقد طريقة منهجيّة لتشكيل فكر الإنسان وصياغته، وهو يعمل بدقّة وبشكل هادف. ومن المعتقد أنّه منضبط وشامل وقائم على معايير عقلية، وبالتالي فهو منطقيّ.

يتميّز التفكير الناقد عن غيره من أنواع التفكير الأخرى، بكون المفكّر مدركًا لطبيعة نظام الفكر عالي الجودة، ويراجع نفسه باستمرار سعيًا لتحسين نوعيّة التفكير. وكما هو الحال في كلّ نظام، فإنّ التفكير الناقد ليس مجرّد سلسلة عشوائية من المكوّنات والخصائص، بل إنّ كلّ مكوّناته، وعناصره، ومبادئه، ومعاييره، وقيمه تشكّل شبكة عمل متكاملة، يمكن تطبيقها بفاعلية، ليس على الصعيد الأكاديميّ التعليمي فحسب، بل على صعيد كلّ بُعد من أبعاد الحياة.



إنّ أكثر اهتمامات التفكير الناقد الجوهريّة، تميّز الفكر؛ لذا فإنّ التفكير الناقد يقوم على فرضيّتين، أولاهما: إنّ نوعيّة تفكيرنا تؤثّر في نوعيّة حياتنا، وثانيهما: يُمكن لأيّ شخص أن يتعلّم كيف يُحسّن نوعيّة تفكيره باستمرار.


ينطوي التُفكير الناقد على هدف أسمى في التعليم المدرسيّ وفي مكان العمل؛ إذ يجب أن يهدف التّعليم وفقه إلى مساعدة الطلاب في تحسين تفكيرهم. وكلّما تعلّم الطلاب توجيه تفكيرهم وتحسين نوعيّته باستمرار، تعلّموا توجيه حياتهم وتحسين نوعيّتها.

   ·       يمتاز التفكير الناقد الشموليّ بالخصائص التالية:

-   هو التفكير المستجيب، والمسترشد بالمعايير الفكرية العقلانيّة، مثل: الدقة، والضبط، والوضوح، والعمق، والاتّساع. ولا يستطيع التفكير أن يحقّق التميّز دون وجود معايير توجيه الفكر.

-   هو التفكير الذي يدعم تطوّر السمات العقليّة لدى المفكّر، مثل: تواضع الفكر، وتكامله، ومثابرته، والتعاطف الفكري، والانضباط الفكريّ الذاتي بطريقة متأنّية.

-   هو التفكير الذي يمكّن الطالب من تحديد عناصر التفكير الموجودة، عند التفكير بأيّ مشكلة، فعلى سبيل المثال: عندما يربط الطالب منطقيًّا بين العناصر والمشكلة التي يعمل لحلها، وذلك من خلال طرح أسئلة تتعلّق بموضوع التفكير وبشكل روتيني وهي:

   ·        ما الهدف من تفكيري؟  
   ·        ما السؤال الدّقيق الذي أحاول الإجابة عنه؟
   ·        ما وجهة النظر التي أفكّر من خلالها؟
   ·        ما المعلومات التي أستخدمها؟
   ·        كيف أفسِّر تلك المعلومات؟
   ·        ما الأفكار أو المفاهيم الرئيسة في تفكيري؟
   ·        ما النتائج التي توصّلت إليها؟
   ·        ما المسلّمات التي اعتبرتها؟ وما الافتراضات التي وضعتها؟
   ·        إذا قبلت النّتائج، ما آثارها؟
   ·        ما العواقب التي قد تحدث إذا أدخلت تفكيري حيّز التنفيذ؟

وفي كلّ عنصر مما سبق، على الطالب أن يكون قادرًا على اعتبار المعايير التي تسلّط الضوء على فعاليّة تفكيره.

-   هو التفكير الذي يقوّم، ويختبر، ويحسّن نفسه ذاتيًّا، بشكل روتيني، إذ يؤدي الطالب عدة خطوات لتقويم مختلف أبعاد تفكيره باستخدام طريقة فكريّة مناسبة. ومن المهم إدراك أنّه أن لم يقوّم الطلاب تفكيرهم الخاصّ بهم، فإنّهم لا يفكّرون تفكيرًا ناقدًا.

-   هو التفكير الذي يتحلّي بالنزاهة في كامل نظامه، فالطالب لا يكون قادرًا على اختبار تفكيره ككلّ فحسب، بل يكون قادرًا على أن يتناوله مجزّأً، ويتأمّل في الأجزاء المختلفة. وإضافة إلى ذلك، لا بدّ للطالب من الالتزام بالتفكير ضمن منظومة متداخلة من سمات العقل، فعلى سبيل المثال: على الطالب أن يكون متواضعًا، و مثابرًا، وجريئًا، ومنصفًا، وعادلا فكريًّا. لا بدّ أن يدرك الطالب الناقد السبل المتنوّعة التي قد تشوه تفكيره وتجعله مضلّلاً، متحيّزًا، سطحيًّا، غير عادل، ومعيبًا، فالمفكّر يسعى للكمال والنّزاهة كقيم أساسية.

-   هو التفكير الذي يعطي إجابات منطقيّة، يمكن توقّعها اعتمادًا على العملية الشمولية المتعدّدة المطالب، والتي ينتهجها الطالب؛ فإذا كنّا نعرف تمامًا وبصراحة، كيف نتأكّد من تفكيرنا كلّما قمنا بالتفكير، والتزمنا بفعل ذلك، وحصلنا على تدريب مكثّف، فعندئذ ستكون نتائج تفكيرنا مثمرة؛ إذ إنّ التفكير الجيّد يعطي نتائج جيّدة.

هو التفكير المستجيب للضرورات الأخلاقية والاجتماعية، ليس لأغراض الجدل بحماس مع المعارضين لوجهات النّظر، بل لتلّمس نقاط الضعف والقصور في موقف الشخص نفسه وتحديدها. وعندما يصبح الطالب مدركًا لوجود العديد من وجهات النّظر المنطقيّة، والتي يؤدي كلّ منها - عند التفكير العميق بها - إلى مستوى معيّن من التبصّر، عندها يصبح الطالب على وعي تامّ بأنّ تفكيره - مهما كان غنيًّا وثاقبًا، ومهما كان مبنيًّا بعناية - غير قادر على تحصيل كلّ شيء يستحقّ المعرفة والرؤية.

هنادي محمد إبراهيم عوض

المساهمات : 35
تاريخ التسجيل : 02/03/2017

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى